التَّشكيك في ظاهرة الوحي في كُتُب السِّيرة النَّبويَّة دراسةٌ في الأدبيَّات الاستشراقيَّة

"أبدى المستشرقون اهتماماً كبيراً بالسيرة النبوية فِ سياق مساعيهم لإعادة ترتيب سور القرآن الكريم زمنياً، وأبان
المستشرق الْلمان غوستاف فايل عن هذا الَّدف فِ كتاب له عن الفتوحات العسكرية للنبِ محمد صلى الله عليه
وسلم، ألَ وهو متابعة التطورات الْسلوبية والفكرية للسور فِ المرحلتين المكية والمدنية، وتتالت مؤلفاتُم لْغراض
أخرى كان من أخطرها الطعن فِ أخلاق النبِ صلى الله عليه وسلم، واتاذ ذلك مدخلاً للطعن فِ حقيقة
الوحي، وكانت بعض محاولَتُم تَليلات تَريخية حافلة بالتناقضات ككتاب صاموئيل مارجليوث: محمد )صلى
الله عليه وسلم( ونَضة الإسلام، وكتاب مكسيم رودنسون عن حياة النبِ صلى الله عليه وسلم. ومن البدهي
عند علماء الإسلام وفلاسفة المستشرقين أن إثبات الوحي إثباتٌ لصدق النبوة وعصمة الرسالة، وأرحب ميدان
لدراسة ظاهرة الوحي هي كتب السيرة النبوية، فعمد بعض المستشرقين إلَ التشكيك فِ صحة المؤلفات الْولَ
فِ السيرة النبوية والطعن فِ أصحابِا وأسانيدهم، والتشكيك من ثَُ فِ مضامينها ومنها الوحي الصادق، وعمد
آخرون إلَ دراسة ظاهرة الوحي كحالة نفسية متغيرة أنتجت فِ متاكم تكرارها قراطيس مشتتة لَ جامع بينها،
وفِ مُموعها أعادت الكتابات الَستشراقية إنتاج التهم التِ تفتق عنها أذهان اللاهوتيين النصارى فِ بلاد المشرق
فِ القرون الْولَ من تَريخ الإسلام. وتعنى هذه الورقة بدراسة ظاهرة الوحي كما عرضها بعض كبار المستشرقين
فِ مؤلفاتُم حول سيرة النبِ صلى الله عليه وسلم، أو فِ مؤلفاتُم عن كتب السيرة الإسلامية، وبيان أوجه الضعف
والتلفيق فيها أو القصور فِ فهمها، أو الْخطاء البشرية الصرفة. وقد قسمت الورقة إلَ مقدمة عن أهَية إثبات
الوحي عقلاً فِ الَستدلَل على صدق الرسالة، ومبحثين أولَّما عرض لْهم المؤلفات الَستشراقية عن سيرة
الرسول صلى الله عليه وسلم وعن كتب السيرة، وثَن المبحثين دراسة نقدية لرؤيتهم حول ظاهرة الوحي."